ورقة سياسات لمركز الزيتونة تبحث تعزيز فرص الوصول إلى توافق وطني فلسطيني على مستقبل إدارة قطاع غزة
ورقة سياسات لمركز الزيتونة تبحث تعزيز فرص الوصول إلى توافق وطني فلسطيني على مستقبل إدارة قطاع غزة
في ظل حالة التغول الإسرائيلي الامريكي لمحاولة فرض التصور لمستقبل إدارة وغزة، وقطع الطريق على الارادة الفلسطينية والقرار الفلسطيني المستقل، أصدر مركز الزيتونة ورقة سياسات بعنوان: “آفاق التوافق الفلسطيني الداخلي في مرحلة ما بعد معركة طوفان الأقصى”.
وتناقش الورقة سبعة سيناريوهات مطروحة لمستقبل الأوضاع في القطاع، وتعرض مواقف الأطراف المؤثِّرة في مجريات معركة طوفان الأقصى منها، وأولويات كل طرف وخياراته المفضلة لمرحلة ما بعد الحرب.
وخلصت الورقة، بعد مناقشة التداعيات والنتائج المحتملة للتصورات السبعة المطروحة، أن خيار التوافق الوطني بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة على صيغة واقعية ومقبولة لمستقبل إدارة القطاع هو الخيار الأفضل فلسطينياً والأكثر انسجاماً مع المصالح الوطنية الفلسطينية. كما أنه خيار واقعي لا يتعارض مع أولويات الأطراف العربية والدولية، ويخدم حالة الهدوء والاستقرار في المنطقة، ويَحُوْل دون توسيع مساحة الصراع، لكنه خيار غير مرغوب إسرائيلياً بتأثير الأولويات الإسرائيلية والمواقف المتشددة لليمين الإسرائيلي بخصوص مستقبل إدارة قطاع غزة.
ورأت ورقة السياسات أن تعزيز فرص الوصول إلى توافق وطني يعتمد بالدرجة الأولى على مدى قناعة طرفَي المعادلة الفلسطينية بأهمية تحقيق التوافق، وعلى مدى استعدادهما لتقديم التنازلات المطلوبة من أجل إنجاز ذلك، كما يعتمد في الوقت ذاته على مدى قدرة الطرفين على تذليل العقبات الخارجية التي تواجه خيار التوافق الفلسطيني.
وأوصت الورقة من أجل تجاوز المعوقات التي تعترض طريق إنجاز التوافق الوطني بخروج السلطة من موقع الحياد والترقب والانتظار في إدارة الموقف من معركة طوفان الأقصى، والمبادرة إلى تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، والدعوة لحوار وطني من أجل مناقشة سُبُل التوافق على صيغة مقبولة فلسطينياً لمستقبل إدارة القطاع تخدم المصالح الوطنية، وتقطع الطريق على المخططات الإسرائيلية وعلى محاولات فرض الوصاية على الشعب الفلسطيني. كما أوصت الورقة فصائل المقاومة الفلسطينية، التي قدّمت أداءً ميدانياً وسياسياً وإعلامياً متقدّماً في معركة طوفان الأقصى، بإبداء المرونة السياسية الكافية لتسهيل إنجاز التوافق الوطني، وقطع الطريق على فرض صيغ خارجية مشبوهة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب.
ودعت ورقة السياسات الدول العربية التي تتمتع بعلاقات جيدة مع أطراف المعادلة الفلسطينية إلى القيام بدور فاعل ومؤثر لتشجيعها على إنجاز التوافق الوطني كضرورة فلسطينية وعربية. حيث إن هذا الخيار يُعفي الدول العربية من التورط أمنياً في إدارة قطاع غزة، كما أنه يقطع الطريق على خطط اليمين الصهيوني بتنفيذ مشاريعه المعلنة لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بالإضافة إلى أنه خيار ينسجم مع الرغبة العربية بتحقيق الاستقرار الإقليمي ووقف حالة التصعيد في المنطقة، إضافة إلى أنه يقطع الطريق على التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني والعربي.
ودعت الورقة أيضاً كلاًّ من الصين وروسيا إلى مواصلة جهودهما ودورهما المهم والمأمول في تشجيع جهود المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، بالتعاون مع الأطراف العربية المعنية بإنجاز المصالحة وتذليل العقبات التي تعترض طريقها. ولا شكّ أن هذا الجهد الروسي والصيني يحظى بترحيب فلسطيني وعربي شعبي قوي، ويعزز العلاقات الروسية والصينية مع الشعوب العربية.
واختتمت الورقة بدعوة الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية إلى الإدراك أنّ القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية وإقصائها من المشهد السياسي والإداري والمجتمعي في قطاع غزة هدف غير واقعي وغير قابل للتنفيذ ويُسهم في إطالة أمد الصراع، وهو ما أثبتته تجربة ما يزيد على ثمانية أشهر من استهداف المقاومة في معركة طوفان الأقصى، الأمر الذي يستدعي من الجانب الأمريكي والأطراف الأوروبية التعامل بواقعية أكبر مع خيارات ما بعد انتهاء الحرب، وأن يتخلوا عن تحفظاتهم على خيار التوافق الوطني الفلسطيني في إدارة شؤون القطاع، حيث إنه خيار يُسهم في التهدئة وإعادة الاستقرار، ويقلّص من احتمالات توسيع مساحة الصراع الإقليمي.