رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع شرح سبب عدم ذكره لـ”اتفاق الطائف” في خطابه عقب قداس شهداء المقاومة اللبنانيّة
أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن سبب عدم ذكره لـ”اتفاق الطائف” في خطابه عقب قداس شهداء المقاومة اللبنانيّة، مردّه إلى أن لكل خطاب سياقاً محدداً، وأنه يفضل الحديث عن المواضيع التي تتناسب مع هذا السياق ولا يقوم بحشر بعض الأمور فقط لمجرّد ذكرها. وأشار إلى أن حزب “القوات اللبنانية” كان من أكبر المدافعين عن “اتفاق الطائف”، وقد دفع أثماناً باهظة نتيجة مواقفه. وقال: “بناءً على ذلك، لدينا كل الأسباب لنكون الأكثر تمسكًا بـ”اتفاق الطائف”. لكن، إذا ما أردنا أن نكون موضوعيين مع أنفسنا، فبعد 34 سنة من تطبيق الطائف، ليس هناك دولة فعلية في لبنان. والوضع الراهن، كما يراه الجميع، هو أن قرار الدولة الاستراتيجي مسلوب، وليس لدينا أي استقرار، والمواطن اللبناني يعيش من دون أن يعرف ما سيحمله له الغد. هذا الواقع الذي نعيشه يفرض علينا أن نتوقف ونعيد التفكير مليًا وبشكل عميق جدًا في كل شيء، لنرى أين تكمن المشكلة”.
وقال جعجع: “عندما تحدثت عن تعديل الدستور، قلت إن البعض بدأ يتحدث بلغة العدد في لبنان، وهذا أمر يناقض الدستور. فإذا كان أحدهم في لبنان يريد تعديل الدستور، فلا مانع لدينا، ففي النهاية الدستور ليس إنجيلاً ولا قرآنًا”. وتابع: “لم أر شعبًا يحب لبنان أكثر من شعوب الدول الخليجية والشعب السعودي تحديدًا، لكن الشعب السعودي والشعوب الخليجية أدارت وجهيها عن لبنان منذ خمس سنوات حتى اليوم. ليس لأنها لا تحب لبنان، بل لأنها رأت أن شيئًا لم يعد قائمًا في هذا البلد. الواقع الذي نعيشه يستدعي منا التوقف والنظر مليًا في ما جرى، لنرى أين تكمن المشكلة”.
جعجع، وفي مقابلة عبر “العربيّة FM” مع الإعلامي طارق الحميّد، اعتبر أن “الأهم هو أن نصل إلى دولة فعلية في لبنان. لذا، السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يجب أن نقوم به لتحقيق هذا الهدف، لأننا حتى اللحظة لا نملك دولة فعلية في لبنان، بل بالعكس، الدولة تتدهور أكثر فأكثر. فعلى سبيل المثال، ينص الدستور على أن النواب يجب أن يتداعوا قبل انتهاء المهلة الدستورية للولاية الرئاسية بشهرين وعند شغور السدة الرئاسية لأي سبب كان إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بدورات متتالية، ولا يقوم النواب بأي عمل تشريعي حتى انتخاب الرئيس. فأين نحن من الدستور في هذا المجال؟ في كل ساعة يطلون علينا بفكرة جديدة أو اختراع جديد، سواء كان حول الحوار أو غيره. فليتحاوروا قدر ما يشاؤون خارج الدستور، لكن ما أريد أن أقوله هو أن الوضع الدستوري في لبنان “مخربط”، ناهيك عن أن الوضع العام برمته “مخربط”، لذا يجب أن نجلس ونراجع ما حدث معنا لإيجاد الحلول، وليس لتقاذف المسؤوليات بيننا”.
وعند سؤاله عن الأحداث الجارية في المنطقة، أكد جعجع أن ما يحدث هو مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية معنية بهذه المواجهة ولكن بأشكال مختلفة. وأوضح أن هذه المواجهة ليست جديدة، وأن إيران بدأت بالتوسع في المنطقة منذ ثلاثين عامًا مستغلة القضية الفلسطينية كورقة لجذب دعم المجتمعات العربية. وأضاف أن إيران بَنَت لنفسها مكانة إقليمية قوية عبر هذا التمدد، والذي طال دولًا مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن. ورأى أنه كان لإسرائيل الرغبة بالإنتهاء من هذا الخطر الداهم من حولها وعندما أتت عملية 7 تشرين الأول 2023 في غزة اعتبرت أن الوقت قد حان لذلك، لذا ما تلاها من مواجهات، تأتي في سياق رغبة إسرائيل في إنهاء هذا التهديد الذي يشكله التمدد الإيراني في المنطقة.
واعتبر جعجع أن دخول “حزب الله” إلى الحرب في 8 تشرين الأول 2023 بعد يوم من بدء الهجوم من غزة كان خطأً استراتيجيًا، لأنه أعطى إسرائيل ذريعة لمواجهة الحزب بشكل مباشر. وقال: “ربما إسرائيل لم تكن تفكر بادئ الأمر في “حزب الله”، لكنه بدخوله فتح الباب واسعاً أمامها لتنفيذ ما تريد. وبعد ذلك، تتالت الأحداث كما شهدناها”، معتبراً أن “لا أحد يعلم إلى متى قد يستمر الوضع على ما هو عليه، باعتبار أن تسلسل العمليات العسكرية من جهة، وتسلسل الأحداث السياسية من جهة أخرى، هما ما سيحددان مسار الأمور، وإذا أردنا الاعتماد على نسق المسار التصاعدي للأحداث، فأنا أرى أن هذه المرحلة ستستمر حتى إشعار آخر”.
وعن الوضع في لبنان، أوضح جعجع أن ما يحدث في لبنان هو امتداد طبيعي لهذه المواجهة الإقليمية. وأكد أن لبنان أصبح جزءًا من هذه السلسلة من الأحداث، حيث تعتبر إسرائيل أن هذا الوقت مناسب لكسر نفوذ إيران وأدواتها في المنطقة، ومن ضمنها “حزب الله”. وشدد على أن لبنان يعاني تداعيات هذا الصراع، وأنه بات حلقة ضعيفة في سلسلة التوترات الإقليمية المتصاعدة.
وفي معرض حديثه عن الوضع السوري، أشار جعجع إلى التباعد الذي حصل بين “حماس” وإيران خلال الثورة السورية، حيث دعمت “حماس” في تلك الفترة الجماعات التي تقاتل ضد النظام السوري، بينما كانت إيران تدعم النظام بكل طاقاتها. ولكن، بعد أن انتهت مفاعيل الثورة السورية، عادت العلاقة بين “حماس” وإيران إلى سابق عهدها، وأصبحت “حماس” مرة أخرى جزءًا من المحور الإيراني في المنطقة.
وفي ما يخص قضية الوجود السوري غير الشرعي في لبنان، انتقد جعجع الوضع الراهن بشدة، مؤكدًا أن لبنان لم يعد قادرًا على تحمل أعباء مليوني لاجئ سوري يعيشون على أراضيه بشكل غير شرعي. واعتبر أن وجود هؤلاء السوريين لم يعد يتعلق بأسباب إنسانية تتعلق باللجوء، بل أصبح قضية اقتصادية بحتة. وأوضح أن العديد من السوريين في لبنان يتلقون مساعدات مالية من المنظمات الدولية تفوق دخلهم في سوريا، ما يجعلهم يفضلون البقاء في لبنان بدلاً من العودة إلى بلادهم. وأكد أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وأنه يجب على الدولة اللبنانية أن تتخذ موقفًا واضحًا وحاسمًا بشأن هذه القضية.
وعند سؤاله عن إمكان التعاون مع النظام السوري لحل هذه الأزمة، أبدى جعجع شكه بفاعلية هذا الخيار، موضحًا أن النظام السوري لا يملك القرار السيادي في بلاده، بل أن القرارات الفعلية تأتي من إيران وروسيا. ورأى أن النظام السوري لا يريد عودة اللاجئين إلى سوريا، حيث يسعى لتحقيق توازن ديموغرافي يخدم مصالحه، ولذلك فإن التواصل مع النظام السوري في هذا الملف قد لا يؤدي إلى نتائج ملموسة.
ورداً على سؤال عن ان هناك من ينتقده معتبراً أنه يفتقد للمرونة السياسيّة، شدد جعجع على أهمية المرونة في التعامل مع القضايا السياسية، مشيرًا إلى أنه يتمتع بمرونة كبيرة في الأمور التي لا تتعلق بالقناعات والمبادئ الأساسية. وأكد أنه لا يمكن أن يكون مرنًا في ما يتعلق بالفساد أو القضايا الأمنية التي تمس استقرار البلاد. وعلل جعجع رفضه الدعوة إلى الحوار التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدم مرونته في هذا الأمر لأنها “دعوة تتناقض مع أحكام الدستور اللبناني”. وقال: “هناك بعض الأمور التي لا يمكن كسرها لمرّة واحدة فقط وإنما مجرّد التهاون فيها وكسرها سيحتم كسرها في كل مرّة، وواحدة من أهم هذه الأمور هي أحكام الدستور”.
وتحدث جعجع عن جهود “محور الممانعة” للسيطرة على لبنان، موضحًا أن هذا المحور يسعى لوضع يده على مفاصل الدولة الرئيسية، وخصوصاً رئاسة الجمهورية. وأكد أن “محور الممانعة” فشل في فرض مرشحه للرئاسة بسبب عدم امتلاكه الأغلبية المطلوبة. وقال: “محور الممانعة” رشح الوزير سليمان فرنجية وحاول بشتى الطرق إيصاله، لكنه في أقصى الحالات حصل على 51 صوتاً فقط، في حين حصل مرشحنا جهاد أزعور، بتحالفات ظرفية، على 59 صوتاً. لم يجرؤ المحور على الاستمرار في جلسة انتخابية ثانية، لأنه في هذه الحالة كان مرشحنا سيفوز”.
واستطرد: “محور الممانعة” يسعى للسيطرة على لبنان من خلال وضع يده على المواقع الدستورية الأساسية: رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، أما رئاسة مجلس النواب فهي تحت سيطرته بالفعل من خلال الانتخابات النيابية وتمثيله الكامل للطائفة الشيعية الكريمة. عملنا كثيراً لمنع إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس، لكنه عاد. بمجرد انتخابه، تعاملنا معه على هذا الأساس. فلماذا لا يفعلون الشيء نفسه في ما يتعلق برئاسة الجمهورية؟ لماذا لا يذهبون إلى الانتخابات؟ لأنهم لا يريدون انتخابات، ولا دستورا، بل يريدون السيطرة على لبنان”.
وشدد جعجع على انه “بالنسبة إلى محور الممانعة، “لا صوت يعلو فوق صوت سيطرتهم على لبنان”. إذا جاع اللبنانيون أو افتقروا، فهذا لا يعني لهم شيئاً، المهم هو الحفاظ على نفوذهم”. وقال: “لديهم منطق مختلف تماماً عن منطقنا. الاقتصاد، التعليم، والفنون، هذه الأمور كلها لا تعني لهم شيئاً. وبالتالي، نحن نواجه مجموعة تفكر بهذه الطريقة. فما العمل؟ هل يجب أن نكون ليّنين معهم؟ على سبيل المثال، رغم أنني لا أحب العودة إلى هذا المثال، هل كان هناك شخص أكثر مرونة مع “محور الممانعة” من الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ هل كان هناك من يجتمع مباشرة مع السيد حسن نصرالله أكثر من رفيق الحريري؟ وفي النهاية، اغتالوه. لدينا تجربة عمرها 30 عاماً، ويجب أن نستخلص منها العبر”.
وأضاف: “أنا شخص لدي الكثير من الليونة والمرونة، ولكن لا يمكن أن نكون مرنين في موضوع الاستقرار في البلاد أو في شن حرب قد تؤدي إلى مقتل المئات من اللبنانيين. في هذه الحال، علينا أن نقول الأمور كما هي. ومع ذلك، بدأ بعض أصدقائنا السياسيين “بفرك أيديهم” ليقولوا إن أتباع “محور الممانعة” في لبنان لبنانيون، ويجب أن نكون مرنين معهم. فهل من المعقول أن نسايرهم على حساب مئات الشهداء حتى الآن؟ ولا أحد يعرف ما الذي ينتظرنا لاحقاً”.
وعما إذا كان يراهن على المتغيرات لضعضعة “حزب الله” والواقع الراهن، قال: “على الإطلاق، وأكبر دليل على ذلك هو أن مواقفنا من “حزب الله” وسلاحه ثابتة منذ عقود، وليست مواقف مستجدة. يمكن اتهامنا بالمراهنة إذا اتخذنا موقفاً جديداً نتيجة المستجدات، لكن مواقفنا من سلاح “حزب الله” ومحور الممانعة ثابتة وواضحة”. واستطرد: “البعض يقول إننا لا نريد انتخابات رئاسة الجمهورية لأننا نراهن على المتغيرات، في حين أننا حضرنا الجلسات كلها التي دعا إليها الرئيس نبيه بري، ونطالبه يومياً بالدعوة إلى جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس. هو من يعطل انتخابات الرئاسة، فكيف نكون نحن من يراهن؟”، ولفت إلى ان “المراهنة تحدث عندما تقاطع، ونحن لا نقاطع أبداً، ولكننا نرفض الحوار الذي يدعو إليه الرئيس بري لأنه يتناقض مع الدستور”.
جعجع أشار إلى أن لدينا تجربة طويلة وبناءً عليها علينا أن نعرف كيف نتصرف، وقال: “من المهم أن يكون الإنسان لينًا ومرنًا لكن بأمور محددة، فلا يمكن أن نكون لينين بموضوع الاستقرار في لبنان، بشن حرب يمكن أن تقضي على مئات من اللبنانيين. لا مكان لليونة في هذه الحالة، علينا قول الأمور كما هي. بعض السياسيين اعتمدوا أسلوب “فرفكة اليدين” والقول إن محور الممانعة من اللبنانيين وعلينا مسايرته، لكن نسايرهم على حساب ماذا؟ على حساب المئات من القتلى حتى الآن و”الله يستر” ماذا ننتظر بعد”.
ورفض جعجع اعتبار البعض أنه يراهن على المتغيرات، قائلاً: “على الإطلاق، مواقفنا اليوم ليست وليدة اللحظة إنما مواقف ثابتة منذ سنوات. المراهنة على أمر ما تكون عند استنباط موقف متعلق بأمر محدد له علاقة بالمستجدات، لكن موقفنا من سلاح “الحزب” ومن محور الممانعة ليس وليد اللحظة إنما ثابت. لكن البعض يحاول التذرع بهذه الأمور متهماً إيانا بعدم الرغبة بانتخاب رئيس للجمهورية، في حين أننا نطالب رئيس مجلس النواب يومياً بفتح جلسة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية لأنه هو من يعطل هذا الانتخاب. أنت تراهن عندما تقاطع، في حين أننا لا نقاطع على الإطلاق إنما لا نريد الحوار الذي يدعو إليه بري لأنه ضد الدستور”. وأوضح أن دعوة بري في غير مكانها، “وقلت في خطاب قداس الشهداء إن أول ما يجب أن نقوم به بعد انتخاب رئيس هو عقد طاولة حوار رسمية في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، وعندها نطرح كل أمورنا”.
وعن لقاء العلولا ومستشار الرئيس الفرنسي، قال: “رسالتي لهذا اللقاء، أن الطريق الأقصر دائماً هي طريق الحقيقة. دول الخماسية تعرف أن ثمة دستورا في الدول، وأقصر طريق للحلول هي تطبيق الدستور. لماذا لا يدعو الرئيس بري إلى جلسة انتخابية، كما نص الدستور، بدورات متتالية؟ هذه الطريق الأقصر، ومن هنا لماذا المحاولة يميناً ويساراً؟ لا نقبل بالتحايل على الدستور وهذه “السعدنة” والمناورات لا تبني بلداً إنما ما يبنيه التمسك بالدستور.”
وطرح جعجع السؤال على لودريان وعلى مستشاره: “لماذا لا يدعو الرئيس بري إلى جلسة انتخابية، كما نص الدستور، بدورات متتالية؟”، قائلاً: “عندها في يوم واحد سيكون لدينا رئيساً للجمهورية، ليتقضل بري ويدعو إلى جلسة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس”.
أما بالنسبة لإمكان احتواء المنشقين عن “الوطني الحر”، اعتبر جعجع أنه لا يجب أن ننسى أن المنشقين عن التيار الوطني الحر هم منذ 30 سنة في أجواء هذا التيار. نحن في القوات اللبنانية لا نجمع من “كل وادي عصا”، وليس همنا تجميع أعداد كبيرة ولا نبني على رمال متحركة. لكن لا يمنع أن بعض المنشقين في خانة الأصدقاء، وثمة حوارات من وقت لآخر. وأعتقد أن تفكك الوطني الحر سيكون لمصلحة لبنان لأنه على مدى 30 سنة لم يقم بشيء إيجابي وكان سبب فساد كبير، ومثال على ذلك ملف الكهرباء.
وشدد جعجع على أننا “والمجموعة السنية في لبنان رفقة درب طويلة عريضة، نتشارك في أغلب الأمور في نظرتنا إلى لبنان وأموره، وللأسف قام البعض في وقت معين بشيطنة القوات على أنها من تسببت بخروج الرئيس سعد الحريري من اللعبة السياسية في لبنان، وهذا غير صحيح على الإطلاق. منطق المسوقين “ولادي” ولا يصدق وكأن السعودية تنتظر الوشاية على الحريري، وهذا كله تجن وافتراء على القوات.”
وعن إمكان قيام تسوية مع حزب الله، أجاب جعجع: “لا مانع أبداً، إذا غير من مساره كلياً وتحول إلى حزب لبناني مثل الأحزاب الأخرى، لكن أن يكون تنظيماً عسكرياً مرتبطاً عضوياً بالحرس الثوري الإيراني وينفذ استراتيجية إيران في لبنان، طبعاً لا إمكان لأي تسوية لأنها تحتاج إلى حد أدنى من المقومات، والحد الأدنى من المقومات المطلوبة هو عودة الحزب إلى لبنان كأي حزب سياسي.” قال: “منطلقاتنا مختلفة عن بعضها 180 درجة. حاول بعض الأصدقاء القيام ببعض المساعي، لكن دائماً حزب الله يفاوض لجلب الفريق الآخر نحوه، لا لإعادة النظر بمسار معين أو دراسة موقف معين. حزب الله معتاد على التيار الوطني الحر ويعتبرون لكل شيء ثمناً، وفي موضوع الرئاسة مثلاً، كل مقارباتهم ماذا تريدون للسير بسليمان فرنجية. حزب الله غير مستعد للمناقشة في جوهر استراتيجيته إنما مستعد للمناقشة في “ما هو سعرك؟ شو بدك تتمشي معو؟”
ورداً على سؤال عن العلاقة مع وليد جنبلاط، قال جعجع ممازحاً: “مع وليد جنبلاط في شعر معاوية لا شعرة معاوية فحسب.” علاقتنا مع الحزب التقدمي الاشتراكي جيدة لكن حسابات جنبلاط في المواقف السياسية غير حساباتنا. لديه حسابات أخرى ومقاربات أخرى. هذا شيء مفهوم في الأنظمة الديمقراطية، ولو أنني كنت أتمنى شيئاً آخر.
ولفت جعجع إلى أنه لا يلوح بالفيدرالية ولا يحذر منها. وقال: “دولة الإمارات مثلاً أليست دولة موجودة ومكتملة الأوصاف؟ يجب ألا نخاف من شيء ولا ضرورة أن ندعو لشيء، ليبقى ذهننا مفتوحاً على كافة الاحتمالات. ما كنت بصدد قوله في خطابي الأخير هو أن سلطة الوصاية ومن بعدها محور الممانعة بمحاولتهما السيطرة على الدولة في لبنان من جهة، ومن جهة أخرى بمحاولة تجنب السنة لأن لديهم امتداداً كبيراً في المنطقة، حاولوا الامتداد في الدولة على حساب المسيحيين، ويحاولون اليوم فرض مرشحهم على رئاسة الجمهورية. تجاه هذا الواقع، علينا ضمن المعادلة اللبنانية أن نواجه ونرفضه”.
ورفض جعجع معادلة البعض بأن المسيحيين أصبحوا 30% وعليهم تقبل ما يفرض عليهم، قائلاً: “الدستور اللبناني ليس مبنياً على الأرقام، وإن كانوا لا يريدون الدستور اللبناني يمكننا أن نتحدث، وعندها ندخل في التفاصيل.” شدد على أنني لست قلقاً على الوضعية المسيحية في لبنان وكي لا أكون قلقاً علي أن أحفظ حقوق هذه الوضعية.
ورداً على سؤال، أشار جعجع إلى أن عمقنا الأساسي هو العمق العربي، وهذه ليست سياسة سمير جعجع إنما سياسة القوات اللبنانية دائماً وأبداً.
أما بالنسبة للعلاقة مع الرئيس نبيه بري، فقال جعجع: “كل الوقت كانت العلاقة جيدة ونحرص دائماً أن تكون العلاقة الشخصية جيدة بمعزل عن الاختلاف السياسي. وهو لم يتورط كحزب الله إنما بقي في اللعبة اللبنانية مع بعض التمايزات، إلى أن وصلنا إلى رئاسة الجمهورية. لكن تصرفه في هذا الملف غير مقبول، فهو لم يحرص كعادته على الميثاق واللياقات اللبنانية، وترشيحه لفرنجية وتمسكه به غير مقبول، وهو اليوم من يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية.”
وختم جعجع: “الوضع في المنطقة كلها، ومن ضمنها لبنان، مفتوح على كل الاحتمالات. خلال الأسبوعين المنصرمين لم أرَ أن هناك حرباً، لكن في أي لحظة يمكن اندلاع حرب، فالوضع في الشرق الأوسط متفلت تماماً”.